بعد عام من تدخل التحالف السعودي في اليمن .. العاصمة بيد الخصوم والمناطق المحررة تحت سيطرة الجهاديين
24 مارس، 2016
713 13 دقائق
يمنات – صنعاء
قالت وكالة “فرانس برس” إن التحالف السعودي، وجد نفسه بعد عام على بدء تدخله في اليمن امام من سمتهم بـ”المتمردين” في إشارة إلى “أنصار الله”، الذين لا يزالون يسيطرون على مناطق عدة ابرزها صنعاء، و جهاديين يتسع نفوذهم في الجنوب، و منظمات حقوقية و دولية ترفع سقف انتقاداها لسقوط الضحايا المدنيين و الظروف الانسانية الصعبة.
و أشارت أنه بعد عام من الغارات و القتال الميداني المضني، وافقت حكومة هادي و أنصار الله وحلفاؤهم من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح على العودة مجددا الى طاولة المحادثات في 18 نيسان/ابريل المقبل، في خطوة سيسبق انطلاقها بأسبوع وقف لإطلاق النار.
و يرى محللون ان أنصار الله تمكنوا منذ بدء الضربات الجوية للتحالف في 26 آذار/مارس 2015 من المواجهة على رغم محدودية قدراتهم العسكرية، و ان النزاع ساهم في كشف نقاط ضعف الحكومة التي تعاني من صعوبة في فرض سلطتها في المناطق التي استعادتها بدعم من التحالف، في ظل تنامي تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية.
و يقول الباحث في معهد الشرق الاوسط في واشنطن تشارلز شميتز “قوات الحوثي و صالح تبلي بلاء حسنا اذا ما اخذنا الظروف في الاعتبار”.
و أضاف: هذه القوات لا تملك غطاء جويا و لا وسائل امداد مضمونة لذخيرتها، الا انها تحافظ على قوة عسكرية مهمة.
و شكلت سيطرة أنصار الله و حلفائهم على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 و تقدمهم تباعا للاستحواذ على مناطق اخرى، جرس انذار للسعودية من توسع نفوذهم.
و منذ انطلاق عمليات التحالف، بدءا بالغارات الجوية ولاحقا عبر الدعم الميداني المباشر استعاد الموالون له خمس محافظات جنوبية ابرزها عدن، التي كان هادي اعلنها عاصمة موقتة بعد سقوط صنعاء بيد أنصار الله.
و حسب الوكالة، يسيطر أنصار الله على “8” محافظات من اصل 22 و يخوضون معارك في غيرها، بينها محافظة تعز الاستراتيجية (جنوب غرب) حيث بقي تقدم القوات الحكومية محدودا رغم اطلاقها عملية واسعة لاستعادتها بالكامل في نوفمبر/تشرين ثان.
و يرى جوردان بيري الباحث الرئيسي للشرق الاوسط وشمال افريقيا في “فريسك مايبلكروفت” ان أنصار الله اظهروا قدرة على الامساك بالأرض والسيطرة على اجهزة رئيسية للدولة” وان من اسباب نجاحهم في ذلك “تأثر التحالف سلبا بنقص الخبرة التقنية والخبرة القتالية الميدانية.
و مع تواصل الغارات، زادت الامم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية من انتقادها للتحالف على خلفية ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين.
و بحسب ارقام المنظمة الدولية، قتل زهاء 6300 شخص منذ مارس/آذار الماضي، بدء تدخل التحالف، نصفهم تقريبا من المدنيين.
و الاسبوع الماضي، حمل المفوض الاعلى لحقوق الانسان زيد بن رعد الحسين مسؤولية التسبب بغالبية الضحايا المدنيين للتحالف قائلا ان الاخير استهدف “اسواق ومستشفيات وعيادات ومدارس ومصانع وقاعات استقبال لحفلات الزفاف ومئات المساكن الخاصة في قرى ومدن”.
كما اعربت الولايات المتحدة حليفة المملكة عن قلقها من حصيلة الضحايا علما ان منظمات حقوقية طالبت واشنطن مرارا بوقف تزويد سلاح الجو السعودي اسلحة وذخائر تستخدم في اليمن.
وسط ذلك، اعلن التحالف ان العمليات الاساسية اوشكت على الانتهاء بحسب المتحدث باسمه العميد الركن احمد عسيري.
و رأى عسيري في حديث مع فرانس برس الاسبوع الماضي ان التحالف “حقق انجازا كبيرا تجاه السلام والاستقرار في اليمن”.
ورغم استعادتها محافظات جنوبية منذ يوليو/تموز، تعاني الحكومة في بسط سلطتها في المناطق المحررة، مع نمو الجهاديين لا سيما في عدن.
ونفذت الجماعات الجهادية سلسلة هجمات وتفجيرات وعمليات اغتيالات طالت مسؤولين سياسيين وعسكريين، اضافة الى مقرات عسكرية للتحالف.
ويرى بيري ان قوات هادي والتحالف “جعلت القتال ضد أنصار الله اولويتها وتغاضت عن مكاسب الجماعات السنية المتطرفة التي واصلت التفشي في ظل الفراغ الامني.
و للمرة الاولى منذ مارس/آذار 2015، تدخل طيران التحالف هذا الشهر ضد الجهاديين في عدن. كما قتل هذا الاسبوع 71 عنصرا من تنظيم القاعدة في ضربات جوية اميركية استهدفت معسكرا لهم في جنوب اليمن.
و في تعقيد اضافي لمشهد عدن، شهد محيط القصر الجمهوري مرارا مناوشات بين حراسه و مقاتلين موالين يحتجون على عدم سداد مستحقاتهم.
ويقول شميتز “السعوديون اخطأوا في تقدير قدرة معسكر هادي على حكم الاراضي المحررة”.
الا ان عسيري يؤكد عمل التحالف لنقل اليمن “من دولة فاشلة الى حكومة قادرة على ان تدير البلاد، و تهزم اي مجموعات ارهابية.
وسط ذلك، بدا قبول طرفي النزاع بالتفاوض مجددا، بارقة امل للاتجاه نحو حل سياسي لنزاع يبدو بلا افق عسكري.
و بينما لم تحقق الجولة السابقة في ديسمبر/كانون الاول، والتي ترافقت مع وقف هش لإطلاق النار، اي نتيجة، تأتي الجولة الجديدة المقررة في الكويت، في اعقاب وساطة قبلية ساهمت بتهدئة حدودية يمنية سعودية.
و يرى شميتز ان هذه التهدئة تمنح “بعضا من الامل” لاتفاق اكثر ديمومة.
يضيف الباحث “يحتاج أنصار الله لسحب قواتهم، التخلي عن الايرانيين، و اظهار تقدير للهواجس الامنية السعودية”.
الا ان بيري يستبعد انسحاب نصار الله من المدن، خصوصا “درة تاجهم، العاصمة صنعاء”، التي يرى انها في منأى عن “خطر وشيك” من القوات الحكومية.
و يمثل وقف القتال حاجة اساسية للوضع الانساني.
و تقول المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر ريما كمال “المستشفيات فرغت من المؤن، الشبكات الكهربائية والمائية انهارت، الغذاء والمواد الاساسية الاخرى كالوقود انخفضت بشكل حاد”.
و تضيف ريما، و التي قتل اثنان من العاملين معها وخطف ثالث خلال الاشهر الماضية في اليمن، “القتل والاصابة باتا عادة يومية”.